فصل: الشاهد الخامس بعد الثمانمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.أخبار البرانس من البربر ولنبدأ أولا بالخبر عن هوارة من شعوبهم وذكر بطونهم وتصاريف أحوالهم وافتراق شعوبهم في عمالات أفريقية والمغرب.

وهوارة هؤلاء من بطون البرانس باتفاق من نسابه العرب والبربر ولد هوار بن أوريغ بن برنس إلا ما يزعم بعضهم أنهم من عرب اليمن تارة يقولون من عاملة إحدى بطون قضاعة وتارة يقولون من ولد المسور بن السكاسك بن وابل بن حمير واذا تحروا الصواب المسور بن السكاسك بن أشريس بن كندة وينسيونه هكذا: هوار بن أوريغ بن جنون بن المثنى بن المسور وعند هؤلاء أن هوارة وصنهاجة ولمطة وكزولة وهسكورة يعرف جميعهم بني ينهل وأن المسور جدهم جميعا وأنه وقع إلى البتر ونزل على بني زحيك بن مادغيس الأبتر وكانوا أربعة إخوة: لوا وضرا وأداس ونفوس وأنهم زوجوه أختهم بصكي العرجاء بنت زحيك فولدت منه المثنى أبا هوارة وتزوجها بعد المسور بن عافيل بن زعزاع أبو صنهاجة ولمطة وكزولة وهسكورة كما يأتي فيما بعد أنهم إخوة المثنى لأمه وبها عرف جميعهم.
قالوا: وولد المثنى بن المسور خبوز وولد خبوز بن المثنى ريغ الذي يقال فيه أوريغ بن برنس ومنه عرفت قبائل هوارة قالوا: إنما سميت هوارة لأن المسور لما جال البلاد ووقع في المغرب قال: لقد تهورنا هكذا عند بعض نسابه البربر وعندي والله أعلم أن هذا الخبر مصنوع وأن أثر الصنعة باد عليه ويعضد ذلم أن المحققين ونسابتهم مثل سابق وأصحابه قالوا: إن بطون أداس بن زحيك دخلت كلها في هوارة من أجل أن هوار خلف زحيك على أم أداس فربي أداس في حجره وزحيك على ما في الخبر الأول هو جد هوار لأن المثنى جده الأعلى هو ابن بصكي وهي بنت زحيك فهو الخامس من زحيك فكيف يخلفه على إمرأته هذا بعيد والخبر الثاني أصح عند نسابتهم من الأول.
وأما بطون هوارة فكثير وأكثرهم بنو نبه وأوريغ اشتهروا نسبة لشهرته وكبر سنه من بينهم فانتسبوا جميعا إليه وكان لأوريغ أربعة من الولد: هوار وهو أكبرهم ومغر وقلدن ومندر ولكل واحد منهم بطون كثيرة وكلهم ينسبون إلى هوار فمن بطون مغر ماوس وزمور وكياد وسواي ذكر هذه البطون الأربعة ابن حزم وزاد سابق المطماطي وأصحابه ورجين ومنداسة وكركوده ومن بطون قلدن: خماصه وورصطيف وبيانة وبل ذكر هذه الأربعة ابن حزم وسابق ومن بطون ملد مليلة وسطط وروفل واسيل ومسارتة ذكرها ابن حزم وقال: جميعهم بنو لهال بن ملك وكذا عند سابق ويقال: إن ورنيفن أيضا من نهانه.
ومن بطون هوارة بنو كهلان ويقال: إن مليلة من بطونهم وعند نسابه البربر من بطونهم غريان وورغة وزكاوة ومسلاتة ومجريس.
ويقال إن ونيفن منهم ومجريس لهذا العهد ينتسبون إلى ونيفن وعند سابق وأصحابه أن بني كهلان وريحن إحدى بطون مغر وأن من بطون بني كهلان بني كسى ورتاكط ولشوه وهيوارة وأما بطون أداس بن زحيك بن مادغيس الأمراء الذين دخلوا في هوارة فكثير فمنهم هزاعة وترهوتة وشتاتة وأنداوة وهيزونة وأوطيعة وضبرة هؤلاء باتفاق من ابن حزم وسابق وأصحابه.
وكانت مواطن الجمهور من هوارة هؤلاء ومن دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس والصمغر لأول الفتح بنواحي طرابلس وما يليها من برقة كما ذكره المسعودي والبكري وكانوا ظواعن وآهلين ومنهم من قطع الرمل إلى بلاد القفر وجاوزوا لمطة من قبائل الملثمين فيما يلي بلاد كوكو من السودان تجاه أفريقية ويعرفون بنسبهم هكارة قلبت العجمة واوه كافا أعجمية تخرج بين الكاف العربية والقاف وكان لهم في الردة وحروبها آثار ومقامات كان لهم في الخارجية والقيام بها ذكر وخصوصا بالاباضية منها وخرج على حنظلة منهم عبد الواحد بن يزيد مع عكاشة الفزاري فكانت بينهما وبين حنظلة حروب شديدة ثم هزمهما وقتلهما وذلك سنة أربع وعشرين ومائة أيام هشام بن عبد الملك وخرج على يزيد بن حاتم سنة ست وخمسين ومائة يحيى بن فوناس منهم واجتمع إليه كثير من قومه وغيرهم.
وزحف إليه قائد طرابلس عبد الله بن السمط الكندي على شاطىء البحر بسواريه من سواحلهم فانهزم وقتل عامة هوارة وكان منهم مع عبد الرحمن بن حبيب مجاهد ابن مسلم من قواده ثم أجاز منهم إلى الأندلس مع طارق رجالات مذكورون واستقروا هنالك وكان من خلفهم بنو عامر بن وهب أمير رندة أيام لمتونة وبنو ذي النون الذين ملكوها من أيديهم واستضافوا معها طليلطة وبنو رزين أصحاب السهلة ثم ثارت هوراة من بعد ذلك إبراهيم بن الأغلب سنة ست وتسعين ومائة وحاصروا طرابلس وافتتحوها فخربوها وتولى كبر ذلك منهم عياض بن وهب وسرح إبراهيم إليهم ابنه أبا العباس فهزمهم وقتلهم وبنى طرابلس وجأجأ هوارة بعبد الوهاب بن رستم من مكان إمارتهم بتاهرت فجاءهم واجتعموا إليه ومعهم قبائل نفوسة وحاصروا أبا العباس بن الأغلب بطرابلس إلى أن هلك أبوه إبراهيم بالقيروان وقد عهد إليه فصالحهم على أن يكون الصحراء لهم وانصرف عبد الوهاب إلى نفوسه ثم أصبحوا بعد ذلك وغزوا مع الجيوش صقلية وشهد فتحها منهم زواوة بن نعم الحلفاء ثم كان لهم مع أبي يزيد النكاري وفي حروبه مقامات مذكورة اجتمعوا إليه من مواطنهم بجبل أوراس ومرماجنه لما غلب عليه وأخذ أهلها بدعوته فاغاشوا إلى ولايته وفعلوا الأفاعيل وكان من أظهرهم في تلك الفتنة بنو كهلان.
ولما هلك أبو يزيد كما نذكره سطا إسماعيل المنصور بهم وأثخن فيهم وانقطع ذكر بني كهلان ثم جرت الدول عليهم أذيالها وأناخت بكلا كلها وأصبحوا في عداد القبائل الغارمة من كل ناحية فمنهم لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أكره وعبارة وشاوية وآخرون موطنون ما بين برقة والاسكندرية يعرفون بالمئانية ويظعنون مع الحرة من بطون هيث من سليم بأرض التلول من أفريقية ما بين تبسه إلى مرماجنة إلى باجة ظواعن صاروا في عداد الناجعة عرب بني سليم في اللغة والزي وسكنى الخيام وركوب الخيل وكسب الإبل وممارسة الحروب وإيلاف الرحلتين في الشتاء والصيف في تلولهم قد نسوا رطانة البربر واستبدلوا منها بفصاحة العرب فلا يكاد يفرق بينهم فأولهم مما يلي تبسة قبيلة وينفن ورياستهم لهذا العهد في ولد يفرن بن حناش لأولاد سليم بن عبد الواحد بن عسكر بن محمد بن يفرن ثم لأولاد زيتون بن محمد بن يفرن ولأولاد دحمان بن فلان بعده وكانت الرياسة قبلهم لسارية من بطون ونيفن ومواطنهم ببسائط مزماحة وتبسة وما إليهما.
وبينهم قبيلة أخرى في الجانب الشرقي منهم يعرفون بقيصرون ورياستهم في بيت بني مرمن ما بين ولد زعازع وولد حركات ومواطنهم بفحص آبه وما إليها من نواحي الأربس وتليهم إلى جانب الشرق قبيلة أخرى منهم يعرفون بنصورة ورياستهم في بيت الرمامنة لولد سليمان بن جامع منهم ويراد بهم في رياسة نصرة قبيلة وربهامة ومواطنهم ما بين تبسة إلى حامة إلى جبل الزنجار إلى أطار على ساحل تونس وبسائطها ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوارة يعرفون ببني سليم ومعهم بطن من عرب نصر من هذيل بن مدركة بن إلياس.
جاؤا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى المغرب وأوطنوا بهذه الناحية من أفريقية واختلطوا بهوارة وحملوا في عدادهم.
ومعهم أيضا بطن آخر من بطون رياح من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم وجروا على مجراهم والظعن والمغرم ومعهم أيضا بطن من مرداس بني سليم يعرفون ببني حبيب ويقولون هو حبيب بن مالك وهم غارمة مثل سائر هوارة وضواحي أفريقية من هذا العهد معهودة لهؤلاء الظواعن ومعظمهم من هوارة وهم أهل بقروشاء وركوب للخيل وللسلطان بأفريقية عليهم وظائف من الجباية وضعها عليهم دهاقين العمال بديوان الخراج قوانين مقررة وتضرب عليهم مع ذلك البعث في غزوات السلطان بعسكر مفروض يحضر بمعسكر السلطان متى استنفروا لذلك.
ولرؤسائهم آراء ذلك قاطعات ومكان في الدول بين رجالات البدو ويربطون هوارة بمواطنهم الأولى من نواحي طرابلس ظواعن وآهلين توزعتهم العرب من دبان فيما توزعوه من الرعايا وغلبوهم على أمرهم منذ ضحا عملهم من ظل الدولة فتملكوهم تملك العبيد للجباية منهم والاستكثار منهم في الانتجاع والحرب مثل: ترهونه وورقلة الظواعن ومجريس الموطنين بزر نزور من ونيفن وهي قرية من قرى طرابلس ومن هوارة هؤلاء بآخر عمل طرابلس مما يلي بلد سرت وبرقة قبيلة يعرفون بمسراتة لهم كثرة واعتزار ووضائع العرب عليهم قليلة ويعطونها من عزة وكثيرا ما ينقلون في سبيل التجارة ببلاد مصر والإسكندرية وفي بلاد الجريد من أفريقية وبأرض السودان إلى هذه العهد.
(واعلم) أن في قبلة قابس وطرابلس جبالا متصلا بعضها ببعض من المغرب إلى المشرق فأولها من جانب الغرب جبل دمر يسكنه أمم من لواتة ويتصلون في بسيطة إلى فاس وصفاقس من جانب الغرب وأمم أخرى من نفوسة من جانب الشرق وفي سبع طوله سبع مراحل ويتصل به شرقا جبل نفوسة تسكنه أمة كبيرة من نفوسة ومغراوة وسدارته وهو قبلة طرابلس على ثلاث مراحل عنها وفي طوله سبع مراحل ويتصل به من جانب الشرق جبل مسلاتة ويعتمره قبائل هوارة إلى بلد مسراتة وبرقة وهو آخر جبال طرابلس وكانت هذه الجبال من مواطن هوارة ونفوسة ولواتة وكانت هنالك مدينة صغيرة بلد نفوسة قبل الفتح وكانت برقة من مواطن هوارة هؤلاء ومنهم مكان بني خطاب ملوك زويلة إحدى أمصار برقة كانت قاعدة ملكهم حتى عرفت بهم فكان يقال زويلة بن خطاب ولما خرجت انتقلوا منها إلى فزان من بلاد الصحراء وأوطنوها وكان لهم بها ملك ودولة حتى إذا جاء قراقوش الغزي الناصري مملوك تقي الدين ابن أخي صلاح الدين كما نذكره في مكانه عند ذكر الغوري ابن مسوفة وأخباره وافتتح زلة وأوجلة وافتتح فزان بعدها وتقبض على عاملها محمد بن خطاب بن يصلتن بن عبد الله بن صنفل بن خطاب آخر ملوكهم وامتحنه وطالبه بالأموال وبسط عليه العذاب إلى أن هلك وانقرض أمر بني خطاب هؤلاء الهواريين.
(ومن قبائل) هوارة هؤلاء بالمغرب أمم كثيرة في مواطن من أعمال تعرف بهم وظواعن شاوية تنتجع لمسرحها في نواحيها وقد صاروا عبيدا للمغارم في كل ناحية وذهب ما كان لهم من الاعتزار والمنعة أيام الفتوحات بسبب الكثرة وصاروا إلى الافتراق في الأودية بسبب القلة والله مالك الأمور ومن أشهرهم بالمغرب الأوسط أهل الجبل المطل على البطحاء وهو مشهور باسم هوراة وفيه من مسراتة وغيرهم من بطونهم ويعرف رؤسائهم من بني إسحق وكان الجبل من قبلهم فيما زعموا لبني يلومين فلما انقرضوا صار إليه هوارة وأوطنوه وكانت رياستهم في بني عبد العزيز منهم ثم ظهر من بني عمهم رجل إسمه إسحق واستعمله ملوك القلعة وصارت رياستهم في عقبة بني إسحق واختط كبيرهم محمد بن إسحق القلعة المنسوبة إليهم.
وورث رياسته فيهم أخوه حيون وصارت في عقبه واتصلوا بالسلطان أيام ملك بني عبد الواد على المغرب الأوسط وانتظموا في شرائعهم واستعمل أبو تاشفين من ملوكهم يعقوب بن يوسف بن حيون قائدا على بني توجين عندما غلبهم على أمرهم وفرض المغارم عليهم فقام بها أحسن قيام ودوخ بلادهم وأذل من عزهم وبعد أن غلب بنو مرين بني عبد الواد على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن عبد الرحمن بن يعقوب على قبيلة هؤلاء ثم استعمل بعده عمه عبد الرحمن ثم ابنه محمد بن عبد الرحمن بن يوسف ثم تلاشى هذا القبيل وخف ساكن الجبل بما اضطرم بهم دولة بني عبد الواد وأجحفت بهم في الظلامات وانقرض بيت بني إسحق والأمر على ذلك لهذا العهد والله وارث الأرض ومن عليها.